قصة رابعة العدوية
سيدة العشق الألهى ربعة العدوية
أصلها ونشأتها
هي رابعة بنت إسماعيل العدوى ؛ ولدت في مدينة البصرة ؛ في العام 100 هجري في
دولة العراق ، من أب عابد فقير، وهي
ابنته الرابعة وهذا يفسر سبب تسميتها رابعة ؛ وكان أبوها رجل مريض رباها تربية
صالحة وعلمها تعاليم الدين؛ حيث
كان لدى رابعة فطرة دينية سليمة منذ طفولتها.
وقد توفي والدها وهي طفلة دون العاشرة ولم تلبث الأم أن لحقت به، لتجد رابعة
وأخواتها أنفسهن بلا عائل يُعينهن علي الفقر والجوع
والهزال، فذاقت رابعة مرارة اليتم الكامل دون أن يترك والداها من أسباب العيش لهن
سوى قارب ينقل الناس بدراهم معدودة في أحد
أنهار البصرة .
كانت رابعة تخرج لتعمل مكان أبيها ثم تعود بعد عناء تهون عن نفسها بالغناء ؛
فقدحرمت من الحنان والعطف الأبوي، وبعد فترة
انتشرت المجاعات في البلاد ؛ و فرق الزمن بينها وبين أخواتها، وبذلك أصبحت رابعة
وحيدة مشردة، وأدت المجاعة إلى انتشار
اللصوص وقُطَّاع الطرق، فخطفت رابعة من قبل أحد اللصوص وباعها بستة دراهم
لأحد التجار القساة فقد كان يعذبها
ويسقيها من السخرة كؤوسا .
حياة الرق
............................................................................................................
تجرعت رابعة العذاب والرق في بيت سيدها ، فكانت تناجي ربها ليلًا
باكية : ” إلهي .. أنا يتيمة معذَّبة في قيود الرِّق وسوف أتحمَّل كل ألم
وأصبر عليه ، ولكن عذاباً أشدّ من هذا العذاب يؤلم روحي ويفكِّك أوصال
الصبر في نفسي ، منشؤه ريب يدور في خَلَدي : هل أنت راضٍ عنِّي ؟
تلك هي غايتي“.
وكانت رابعة تؤدي عملها وفرائضها في بيت سيدها على أكمل وجه ،
فلما استيقظ ذات يوما سمعها تتعبد قائلة : إلهي أنت تعلم أن قلبي
يتمنَّى طاعتك ، ونور عيني في خدمتك ، ولو كان الأمر بيدي لما
انقطعت لحظة عن مناجاتك .. لكنك تركتني تحت رحمة مخلوق قاسٍ
من عبادك ، وهالهُ ما رأى من هالة حولها وقنديل منير فوق رأسها ،
ففزع ، وبات ليلته مفكرًا وفي الصباح وهبها حريتها ، وخيرها بين البقاء
أو الرحيل حرة فاختارت الرحيل .
العبادة والتهجد فى حياة رابعة
............................................................................................................
كانت رابعة العدوية تحضر دروس الدين والعلم بالمساجد ، ولا يشغلها
عنهم أي من متاع الدنيا ، فقد إتخذت لنفسها منهجا فى الزهد والعبادة
؛ حيث تعرفت على واحدة من كبرى العابدات بالبصرة ، وهي السيدة
حيونة التي أثرت فيها أشد التأثير .
زهد رابعة
............................................................................................................
كانت رحمها الله زاهدة متعبدة عاشقة لله ورسوله ، حينما كانوا
يسألونها
ماذا تطلبين ، كانت تجيب : لا أريد ثواباً بقدر ما أريد إسعاد رسول
الله صلّ الله عليه وسلم ، حتى يقول لإخوته من الأنبياء : انظروا هذه
امرأة من أمتي ، هذا عملها .
وفي زهدها العديد والعديد من الحكايات والقصص ، حيث ذكر الغزالي في
كتابه إحياء علوم الدين ، أن محمد بن سليمان الهاشمي ولى البصرة ،
بعث إلى العلماء يستشيرهم أي امرأة يتزوج وقد كان ثريًا يملك من
المال ما يغنيها ؛ فأجمع العلماء على رابعة العدوية ؛ فأرسل إليها
برسالة يطلب منها الزواج ، ويخبرها بمدى ثرائه.
فما كان من العابدة الزاهدة إلا أن أرسلت له قائلة : أما بعد اعلم أن
الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن ، والرغبة فيها تورث الهم والحزن ،
فإذا أتاك كتابي هذا فهيئ زادك ، وقدم لمعادك ، وكن وصي نفسك ولا
تجعل الناس أوصياءك فيقتسموا تراثك ، وصم عن الدنيا وليكن إفطارك
على الموت ، فما يسرني أن الله خولني أضعاف ما خولك فيشغلني بك
عنه طرفة عين ، والسلام ، وعاشت رابعة عذراء بتولا ، رغم تقدم أفاضل
الرجال لخطبتها ، ولكنها أثرت حب الله ورسوله .
شعر رابعة العدوية
عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواك | واغـلـقـت قلـبـي عـمـن سـواك | |
وكــنت أناجيـــك يـــا من تــرى | خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراك | |
أحبـــك حـبـيــن حـب الهـــــوى | وحــبــــا لأنـــك أهـــل لـــذاك | |
فــأما الــذي هــو حب الهــــوى | فشـغلـي بـذكـرك عـمـن سـواك | |
وأمـــا الـــذي أنــت أهــل لــــه | فكـشـفـك للـحـجـب حـتـى أراك | |
فـلا الحـمد فـي ذا ولا ذاك لـــي | ولـكـن لك الـحـمـد فـي ذا وذاك | |
أحبــك حـبـيـن.. حــب الهـــوى | وحــبــــا لأنــــك أهـــل لـــذاك | |
وأشتـاق شوقيـن.. شوق النـوى | وشـوقا لقرب الخطــى من حمـاك | |
فأمـا الــذي هــو شــوق النــوى | فمسـري الدمــوع لطــول نـواك | |
وأمــا اشتيـــاقي لقـــرب الحمـــى | فنــار حيـــاة خبت فــي ضيــاك | |
ولست على الشجو أشكو الهوى | رضيت بما شئت لـي فـي هداكـا |
ومن أشعارها ايضا
| أنت لي مؤنس وشوقك زادي. | |||
أنت لولاك يا حياتي وأنســي | مـا تـشـتت في فـسـيـح البـلاد. | |||
كم بدت منةٌ، وكم لك عنــدي | مـن عـطـاء ونـعـمـة وأيـادي. | |||
حبـك الآن بغيتـي ونعـيـمــي | وجـلاء لعيـن قلبــي الصـادي. | |||
إن تكـن راضيـاً عنـي فإننــي | يا منـى القلب قد بـدا إسعـادي. |
|
ليست هناك تعليقات