قصة زرقاء اليمامة
من اشهر نساء العرب زرقاء اليمامة
زرقاء اليمامة من أشهر الشخصيات التاريخية العربية إشتهرت بقوة بصيرتها ونظرها
الثاقب, فكانت مضرب مثلٍ عند العرب ؛ هي امرأة من
جَديس سُمّيت بذلك بسبب وجود زُرقة في عينيها، ويقال أنها كانت تبصر الشعرة
البيضاء في اللبن, وكذلك كانت قادرة على رؤية الشخص
على بُعد مسيرة 3 أيام وهذا سبب شهرتها, حيث كانت تخبر قومها فيما إذا أبصرت
الجيوش تغزوهم قبل ثلاثة أيام من قدومها ليستعدوا
لها، ويُقال اليمامة هو اسمها وفيه سُمّيت بلدها ؛ نقلت المصادر على أن اسم اليمامة هو
اسمها الحقيقي وقد ورد عن الطبري أن اسمها هو "
اليمامة بنت مُرة", وورد عن ياقوت أن اسمها " اليمامة بنت سهم بن طسم", أما
الجاحظ
فقد خالفهم وقال أن إسمها هو"عنز" وهي بنت لقمان بن
عاديا, وجاء عن المنجد أنها" حذام", حيث قال إن حذام علم لإمرأة في الجاهلية من
العرب اليمانية وابن منظور أكد أن اسمها عنز.
القصة الشائعة لزرقاء اليمامة
يذكر المؤرخون أن منطقة اليمامة كانت مسكونة من قبيلتين قويتين من العرب البائدة
وهما قبيلة طسم والتي كانت تسكن بين وادي الوترو البطحاء
ووادي حنيفة وقبيلة جديس والتي كانت تسكن الخضرمة وهي الخرج حاليا وإختلفوا في
أنسابهم على أقوال" أن طسما وجديسا ابنان لإرم بن سام بن
نوح، كما عند أبي حنيفة الدينوري, أنهما من ولد لاوذ بن إرم بن لاوذ بن سام بن نوح"
؛ حيث بدأت قصة زرقاء اليمامة بظُلم ملك طسم وهو
"عمليق" وإذلاله لأهل قبيلة جَديس، حيث حدثت الحروب بين القبيلتين، فقد كان من
ظلمه أنه أمَر أن لا تُزف امرأة من جديس إلى زوجها إلّا بعد
أن تدخل عليه، واستمر هذا الظلم حتى وقعت الحادثة مع امرأة من جَديس يُقال لها
" عفيرة بنت غفار"، والتي استنجدت بقومها ليثوروا على هذا
الظلم والذل من خلال قولها لأبيات من الشعر، وكان لها أخ سيد في قومه اسمه "الأسود
بن غفار"، هبّ مع قومه للثأر من الملك الظالم..
واتفق هو وقومه أن يصنعوا طعاماً للملك وأتباعه فإذا حضروا قتلوهم، وبالفعل قُتل
الملك وقُتل أتباعه، وانتقلوا إلى العامّة منهم ثمّ
قتلوهم ولم ينج منهم أحداً سوى رجل يُقال له (رباح)، خرج إلى (حسان بن تبع) في
نجران واستنجد به فخرج حسان في حِمْير،
ولكن رباح تنبه إلى اليمامة وقال لحسان إنّ له أختاً متزوجة في جَديس يُقال لها اليمامة،
وإنّه يخشى أن تُبصرهم، حيث إنّها تُبصر
الراكب على مسيرة ثلاثة أيام، وطلب منه أن يحمل كل رجل من رجاله شجرة ويسير
بها
وهي أمامه لخداع اليمامة، ولكن اليمامة
أبصرتهم وأنذرت القوم بهم، وعندها سألها قومها ماذا ترى فقالت إنّها ترى رجلاً معه
شجرة يسير بها، ومعه كتف يتعرقها أو نعل
يخصفها، فكذّبها قومها ولم يصدقوها وظنوا انها جنت .. فأنشأت تقول : خذوا خذوا
حذركم يا قوم ينفعكم / فليس ما قد أرى مل أمر يحتقر /
إني أرى شجراً من خلفها بشـرٌ / لأمرٍ ما اجتمع الأقوام والشّـجـر / حتى جاء حسان
بن تبع فغزاهم وقتلهم ودمَّر حصونهم وقصورهم،
ومن ثمّ أتى حسان باليمامة وأمر بها ففقؤوا عينيها فرأى فيهما عروقاً سوداء اللون .
وعندها سألها عن العروق السوداء فقالت إنّها من حجر أسود كانت تكتحل به يسمى
الأثمد وقيل إنّها أول من اكتحلت به، وقد قتل
حسان اليمامة وأسماها بعد ذلك جَوّ اليمامة، وقد وردت هذه القِصّة في أغلب المراجع
التاريخيّة، كما أنّه تمّت إضافة بعض الأمور
عليها في بعض المراجع، ويجدر الذكر هنا أنّ كتب الأنساب لم تذكر شخصيات هذه
القِصّة في طيّاتها، فلم يرد ذكر الأسود بن
غفار، أو أخته عفيرة، أو حتى رباح بن مرة فيها، وقد ذكر ابن حزم أنّ كتب الأنساب لا
تذكر أسماء أبناء أوائل القبائل ممّن انقطع
نسلهم، فهي لا تذكر إلّا من أنسل من العرب أمّا من انقرض وانقطع نسله فلا تذكره إلّا
إذا كان من صحابة رسول الله عليه الصلاة
والسلام..
اقوال المشككون فى القصة
يقول المشككون في قصة زرقاء اليمامة إن هناك مجموعة من المبالغات في قصتها:
فأولا من الصعب على العين البشرية أن ترى مسافة
تتجاوز خمسين كيلومترا، وهذا على شرط أن يكون الأفق ممتدا تماما، كأن يكون على
قمة جبل مرتفعة، أما زرقاء اليمامة فلم يرو عنها
صعود الجبال.
والمشكلة الثانية في قصة زرقاء نابعة من حقيقة أن الأرض كروية وليست مسطحة،
وهذا يعني أن الأفق بعد مسافة تقارب خمسة
كيلومترات لا يعود مرئيا، لأنه يغطس وينحني مختفيا مع تكور الأرض، ولا
تستطيع أشعة الضوء الالتفاف لتلحقه، ولذلك فمن الصعب
رؤية شيء واقف على سطح الأرض يتجاوز بعده عن المشاهد خمسة كيلومترات.
بالمقابل، فإن روايات أخرى نقلت عن زرقاء اليمامة تجعل وصفها منطقيا أكثر، إذ
وصفت بأنها ترى الشخص على مسيرة يوم وليلة،
وهذا يعني قرابة خمسين كيلومترا. أما بالنسبة لموضوع انحناء سطح الأرض، فربما
كانت تصعد هضبة أو تلة قريبة من مساكن قومها
مما يتيح لها التغلب على هذه الصعوبة ورؤية مسافة أبعد .
وأخيرا
إنّ قوما من العرب غزوا اليمامة فلما اقتربوا من مسافة نظرها خشـوا أن تكتشف
الزرقاء أمرهم، فأجمع رأيهم على أن يقتلعوا شجرات
تستر كل شجرة منها الفارس إذا حملها. فأشرفت الزرقاء كما كانت تفعل. فقال قومها :
ما
ترين يا زرقاء؟. فقالت : أرى شجرا يسير!
فقالوا: كذبت أو كذبتك عينك، واستهانوا بقولها. فلما أصبحوا صبحهم القوم وقتلوا منهم
مقتلة عظيمة وأخذوا الزرقاء فقلعوا عينيها فماتت
بعد أيام..وعندما ماتت اقتلعوا عينها فوجدوا ان عينها كانت مليئة بالأثمد.
ليست هناك تعليقات